ما دمتم حرمًا} فعم، ولأنه ممنوع من قتله لحرمة الإحرام، فوجب أن يلزمه الجزاء لقتله دليله إذا قتل صيدًا. وقال بعض المتأخرين من أصحاب مالك: مذهب أبي حنيفة أقرب إلى الأصول من بعض الوجوه من مذهبنا ومذهب الشافعي من حيث أنه يعتبر القيمة في الأصل على الإطلاق، ولكن معتمد المسألة من جهتنا على الآية قوله تعالى:{لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} الآية؛ لأنه تعالى فسر الجزاء بمثل المقتول من النعم. ومقتضى هذا منع طلب المماثلة من الدراهم. وأيضًا قال:{هديًا بالغ الكعبة}[المائدة: ٩٥]، فأوجب هذا كون نفس المثل المحكوم به هديًا، وهذا لا يتأتى في القيمة، إلا أن يأخذ بها نعمًا. وذلك خلاف الظاهر مع أن الضمير من قوله يحكم به إنما هو راجع إلى النعم، لأنه الذي تقدم ذكره، لا إلى القيمة التي لم يجر لها ذكر في الآية، فإن قيل: الآية اكتنفها أمور تدل على أن المعتبر المثل من حيث المعنى وهو القيمة، وذلك أن القيمة مطردة في جميع الصيد، والمثل من حيث الصورة والخلقة غير مطرد في جميعها، فيخصون الآية بما له مثل من النعم وما لا مثل له يتحكمون فيه بالقيمة طعامًا، فكان حمل الآية على القيمة أولى. والثاني: أنه قال تعالى: {يحكم به ذوا عدل منكم هديًا}[المائدة: ٩٥]،