للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٤]. وذهب الجمهور إلى جواز الأحباس لما جاء في ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ولم يروا في هذه الآية حجة لأنها إنما تقتضي التوبيخ على الذي كانت الجاهلية تحرمه على أنفسها من أنعامها تشرعًا وتدينًا وافتراء على الله، واتباع خطوات الشيطان، فليس ذلك مما يحبسه الرجل على ولده مثلًا، وفي وجه من وجوه البر التي يتقرب بها إلى الله تعالى بسبيل. وامتنع المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة من القول بإبطال الحبس. وقالوا: هو جائز ولكن لا يلزم إلا بأحد أمرين: إما أن يحكم به حاكم، أو يوصي به في مرضه أن يوقف بعد موته فيصح، فيكون في الثلث كالوصية إلا أن يكون مسجدًا أو سقاية، فإن وقف ذلك يصح ولا يحتاج إلى حكم حاكم. وهذا بعيد أيضًا، لأن ما لا يجوز للرجل أن يفعله في حياته فلا يجوز أن يوصي به بعد وفاته، وما لا يحل لا يحل الحاكم، قال الله عز وجل: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} [البقرة: ١٨٨]، وذكر ابن حزم أنهم اتفقوا على جواز إيقاف الأرض لبناء المسجد والمقبرة. واتفقوا للآية التي قدمنا أن من أعتق حيوانًا غير بني آدم لا يجوز ولا يسقط به ملك. واختلف في تسييب الحيوان هل فيه أجر أم لا؟ وهل يزول به الملك أم لا؟ واختلفوا فيمن قال لعبده: أنت حر سائبة، فمذهب ابن القاسم أنه حر إن أراد الحرية وولاؤه لجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>