للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخير ما يحييه ويبعثه من جديد بعد ما طواه الزمن، ما كان متصلًا بحياتها اليومية في معرفة ما يحل لها وما يحرم عليها، وما يأمرها به من جهاد في سبيل اللَّه إذا اعتُديَ عليها، وما كان متصلًا بعبادتها، وبحياتها السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، وذلك هو "الفقه".

والفقه الإِسلامي: هو العامل الأساسي الذي ساهم في بناء المجتمع الإِسلامي وتكوين حضارته، واتساع عمرانه، وامتداد سلطانه إلى جميع الشعوب التي انضوت تحت راية الإِسلام، التي أخذت بما قرر الفقه الإِسلامي عليهم من أحكام فساهموا فيه، وظهر منهم الفقهاء الذين شيدوا بناء الفقه، كأمثال: الطبري، والغزالي، والكمال بن الهمام وغيرهم، ومنهم القفال الشاشي الكبير والقفال الصغير، وفخر الإِسلام الشاشي صاحب الحلية وغيرهم، وذلك لأن الفقه يقوم على العدالة، ويشرع الحقوق ويصونها، ويلائم الفطرة السليمة، ويساير التطور لكل زمان ومكان -بفضل مرونة النصوص التي استقى الفقه منها- ويكفل الحرية لكتابه فلا يخضع لرغبة السلاطين والأمراء، أو لشهوات الكتاب، لأنه متمسك بالأصول والقواعد العادلة المستمدة من شرع {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: ٤٢) ومن قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمين، الذي لا ينطق عن الهوى كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: ٣).

وفي الفقه الإِسلامي ثروة ضخمة من التشريعات العديدة، التي تتناول الفرد والمجتمع والدولة، والعلاقات الدولية بين الأمم جميعًا، ولن يستطيع أن يقف على مبلغ هذه الثروة من قَصَر نفسه على مذهب واحد من مذاهب الفقه لا يعدوه إلى غيره، والملتزم لمذهب معين يجد من الواجب عليه أن لا يتجاوزه إلى غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>