وذهبت الحنفية: إلى أن من رأى شيئًا ثم اشتراه بعد مدة ينظر. أولًا: إن وجده على الصفة التي رأى المبيع، فلا خيار له، لأن العلم بأوصاف المبيع حاصل بتلك الرؤية السابقة، فلم يتناوله قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، (من اشترى ما لم يره فله الخيار إذا رآه) سنن الدارقطني ٣/ ٤ وإذا انتفى العلم بأوصاف المبيع، فإن الخيار يثبت له، إلا إذا كان لا يعلم أن المبيع كما قد رآها فيما مضى، كأن رأى جارية ثم اشترى جارية منتقبه لا يعلم أنها التي كان رآها، ثم ظهر إياها، كان له الخيار لعدم الرضا، أو رأى ثوبًا فلف في ثوب وبيع، فاشتراه وهو لا يعلم أنه ذلك. ثانيًا: وإن وجد المبيع متغيرًا عن الحالة التي كان رآه عليها فللمشتري الخيار، لأن الرؤية السابقة لم تقع معلمة بأوصافه، فكأنه لم يره/ الهداية وفتح القدير وحاشية البابرتي ٥/ ١٤٩ - ١٥٠. المالكية: ذهبت المالكية إلى أن بيع العين الغائبة على الرؤية المتقدمة جائز، ولكن قيدوا هذا الجواز بشروط: الأول: الرؤية التي لا يتغير المبيع بعدها غالبًا، أما مالك رحمه اللَّه فلم يفرق في قوله، وإنما قال: يجوز البيع برؤية متقدمة، إلا أن هذا الرأي لم تعتبره المالكية، لأن المبيع قد يتغير لطول المدة كما قاله ابن القاسم/ الدسوقي على الشرح الكبير ٣/ ٢٤، وحاشية مياره ٢/ ٢٩٠، والمنتقى للباجي ٥/ ٢٢ - ٢٣. والرؤية المتقدمة إنما ينظر إليها من ناحية المبيع ففي الثياب، فإن الرؤية السابقة يبقى المبيع على حاله، أما بالنسبة للحيوان، فإنه يتغير بالنسبة للمدة، وتقدر هذه المدة بالسنين، فإن الحيوان يتغير من سنة إلى سنة، بخلاف الثياب والعقار، فإنها تبقى على حالها، فإن كان يتغير بعدها قطعًا أو شكًا، لم يجز بيعه، استنادًا للرؤية السابقة/ البهجة للتسولي ٢/ ١٩. الثاني: أن لا تكون العين الغائبة بعيدة جدًا، فإذا كانت العين بعيدة، =