٤ - وعن عمر قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: (من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه اللَّه بالجذام والافلاس). رواه ابن ماجه. فهذه الأحاديث تدل على الإحتكار المحرم من غير فرق بين قوت الآدمي والدواب، وبين غيره. وذهبت الشافعية: إلى أن المحرم إنما هو إحتكار الأقوات خاصة لا غيرها ولا مقدار الكفاية منها، وإلى ذلك ذهبت الهادوية. قال ابن رسلان في شرح السنن: ولا خلاف في أن ما يدخره الإنسان من قوت وما يحتاجون إليه من سمن وعسل وغير ذلك جائز لا بأس به. ويدل على ذلك: (ما ثبت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعطي كل واحدة من زوجاته عائشة وسق من خيبر). قال ابن رسلان في شرح السنن: (وقد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدخر لأهله قوت سنتهم من تمر وغيره. قال أبو داود: سألت أحمد، ما الحكرة؟ قال: ما فيه عيش الناس: أي حياتهم وقوتهم. وقال الأثرم: سمعت أبا عبد اللَّه -أي أحمد بن حنبل- يسأل عن أي شيء الاحتكار؟ فقال: إذا كان من قوت الناس فهو الذي يكره، وهذا قول ابن عمر. وقال الأوزاعي: المحتكر من يعترض السوق: أي ينصب نفسه للتردد إلى الأسواق يشتري منها الطعام الذي يحتاجون إليه ليحتكره. والحاصل: أن العلة إذا كانت هي الأضرار بالمسلمين، لم يحرم الاحتكار إلا على وجه يضربهم، ويستوي في ذلك القوت وغيره، لأنهم يتضررون بالجميع. قال الغزالي: ما ليس بقوت ولا معين عليه فلا يتعدى النهي إليه، وإن كان مطعومًا وما يعين على القوت كاللحم والفواكه، وما يسد مسد =