قال شمس الدين الرملي: ولو ادعى أحد العاقدين صحة البيع أو غيره من العقود، وادعى الآخر قساده لانتفاء ركن، أو شرط على المعتمد، كان ادعى أحدهما رواية وأنكرها الآخر على المعتمد أيضًا، كما أفتى به الوالد رحمه اللَّه تعالى خلافًا في فتاوى الشيخ، فالأصح تصديق مدعي الصحة بيمينه غالبًا مسلمًا كان أو كافرًا لأن الظاهر في العقود الصحة وأصل عدم العقد الصحيح يعارضه عدم الفساد في الجملة، ومن غير الغالب ما لو باع ذراعًا من أرض معلومة الذرع، ثم ادعى إرادة ذراع معين ليفسد البيع، وادعى المشتري شيوعه فيصدق البائع بيمينه أيضًا، لأن ذلك لا يعلم إلا من جهته، وما لو زعم أحد مصالحين وقوع صلحهما على إنكار فيصدق بيمينه أيضًا، لأنه الغالب. وما لو زعم أنه عقد وبه نحو صبا وأمكن، أو جنون أو حجر، وعرف له ذلك، فيصدق بيمينه، كما ذكره الروياني: ثم قال: وأما كلام الأصحاب في الجنايات والطلاق، فليس من الإختلاف في صحة العقد وفساده، وفارق ما ذكرناه ما سيأتي في الضمان، بأن، المعاوضات يحتاط فيها غالبًا، والظاهر أنها تقع بشروطها. وفي البيان للعمراني: لو أقر بالاحتلام، لم يقبل رجوعه عنه، ويؤخذ من ذلك: أن من وهب في مرضه شيئًا فادعت ورثته غيبة عقله حال الهبة، لم يقبلوا إلا إن علم له غيبة قبل الهبة، وادعوا استمرارها إليها، وجزم بعضهم بأنه لابد في البينة بغيبة العقل -أن تبين ما غاب منه- أي لئلا تكون غيبة بما يؤخذ به كسكر تعدى به. وما لو قال المرتهن: أذنت في البيع بشرط رهن الثمن. وقال الراهن: بل مطلقًا فالمصدق المرتهن، كما قال الزركشي وغيره، وهو كما قال، ولكن ليس هذا ما نحن فيه لأن الاختلاف المذكور، لم يقع من العاقدين ولا نائبهما. ولو صبه في ظروف المشتري، فظهرت فيه فأرة، فادعى كل أنها من عند الآخر، صدق البائع لدعواه الصحة، ولأن الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن، والأصل أيضًا براءة البائع كما في نظيره من المسلم إذا اختلفا، هل قبض المسلم إليه رأس المال قبل التفرق أو بعده؟