للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجعلهم من أشرارها وأخرج كلامهم عن جملة البيان، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} (الأنفال: ٣٥)، تنبيهًا على أنهم كالطيور التي تمكوا وتصدي (أي تصفق وتصفر).

ولذا فإن اللَّه سبحانه وتعالى نبه بنكتة لطيفة، على أن الإنسان لا يكون إنسانًا إلّا بالدين، ولا ذا بيان إلّا بقدرته على الإتيان بالحقائق الدينية، فقال تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (الرحمن: ٥٥)، فابتدأ سبحانه بتعليم القرآن، ثم بخلق الإنسان، ثم بتعليم البيان، ولم يدخل الواو فيما بينها، وسبب ذلك أنه لم يعد الإنسان إنسانًا ما لم يتخصص بالقرآن، فابتدأ بالقرآن، ثم قال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} تنبيهًا على أن بتعليم القرآن جعله إنسانًا على الحقيقة، ثم قال: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} تنبيهًا على أن البيانَ الحقيقيّ بالإنسان يحصل بعد معرفة القرآن.

هذا وأرجو اللَّه سبحانه وتعالى، أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، وأن أجده فى صحيفة أعمالي - {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} - وأنْ يَغفرَ لي ولِمَنْ يقرأه، وأن يغفر لصاحبه: فخر الإسلام القفال الشَّاشي، إنه سميع مجيب، واللَّه الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>