للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منعه ولا مطالبته بكفيل (١).

ومن أصحابنا من قال: إذا كان السفر مخوفًا، ملك منعه منه، أو مطالبته بكفيل (٢).


= فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: "ليس ذلك المفلس، ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال، الجبال، ويأتي وقد ظلم هذا، ولطم هذا وأخذ من عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي عليه شيء أخذ من سيئاتهم فردَّ عليه، ثم صُكَّ له صك إلى النار) الفتح الكبير ٣: ٣٠ فقول الصحابة: إنما هو اخبار عن حقيقة المفلس، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (ليس ذلك المفلس) تجوُّز لم يرد به نفي الحقيقة، بل أراد أن فلس الآخرة أشد وأعظم بحيث يصير مفلس الدنيا بالنسبة إليه كالغني، ونحو هذا: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الثديد الذي يغلب نفسه عند الغضب) صحيح البخاري بحاشية السندي ٤/ ٦٨.
وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: ليس السابق من سبق بغيره، وإنما السابق من غفر له، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- (ليس الغني عن كثرة العرض، إنما الغني غني النفس). الفتح الكبير ٣: ٥٨. ومنه قول الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء
وإنما سمى هذا مفلسًا، لأنه لا مال له إلا الفلوس، وهي أدنى أنواع المال والمفلس في عرف الفقهاء: من دينه أكثر من ماله، وخرجه أكثر من دخله، وسموه مفلسًا، وإن كان ذا مال، لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه، فكأنه معدوم، دل على ذلك تفسير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمفلس الآخرة فإنه أخبر أن له حسنات أمثال الجبال، لكنها كانت دون ما عليه، فقسمت بين الغرماء، وبقي لا شيء له، ويجوز أن يكون سمي بذلك، لما يؤول إليه من عدم ماله بعد وفاء دينه.
ويجوز أن يكون سمي بذلك، لأنه يمنع من التصرف في ماله، إلا الشيء التافه، الذي لا يعيش إلا به، كالفلوس، ونحوها: المغني لابن قدامة جـ ٤: ٣٠٦.
(١) لأنا لو جوزنا مطالبته، سقطت فائدة التأجيل/ المهذب للشيرازي جـ: ٣٢٦.
(٢) لأنه لا يأمن أن يموت فيضع دينه، والصحيح هو الأول، لأنه لا حق له عليه قبل =

<<  <  ج: ص:  >  >>