والوجه الثاني: أنها لا تبطل، لأن العقد يتضمن أمانة وتصرفًا، فإذا تعدى فيه بطلت الأمانة، وبقي التصرف، كالرهن يتضمن أمانة ووثيقة، فإذا تعدى فيه بطلت الأمانة، وبقيت الوثيقة (المهذب ١٣: ١٩٣). وبهذا الوجه قال أحمد وأصحابه، لأنه إذا تصرف فإنما يتصرف في نطاق إذن موكله، فكان كما لو لم يتعد فصح، ويفارق الوديعة من جهة أنها أمانة مجردة فنافاها التعدي والخيانة، والوكالة إذن في التصرف تضمنت الأمانة فإذا انتفت الأمانة بالتعدي بقي الإذن بحاله، فعلى هذا: لو وكله في بيع ثوب فلبسه صار ضامنًا، فإذا باعه، صح بيعه وبرىء من ضمانه لدخوله في ملك المشتري وضمانه، فإذا قبض الثمن كان أمانة في يده غير مضمون عليه، لأنه قبضه بإذن الموكل ولم يتعد فيه، ولو دفع إليه مالًا ووكله في شراء شيء فتعدى في الثمن صار ضامنًا له. فإذا اشترى به وسلمه، زال الضمان وقبضه للمبيع قبض أمانة، وإن وجد بالمبيع عيب فرد عليه، أو وجد هو بما اشترى عيبًا، فرده وقبض الثمن كان مضمونًا عليه لأن العقد المزيل للضمان، زال فعاد ما زال عنه. (المغني لابن قدامة ٥: ١٢٥). (٢) وإن تصرف صح تصرفه، لأنه أمر، فلا يسقط حكمه قبل العلم بالنهي كأمر صاحب الشرع. والقول الثاني: أنه ينعزل، فإن تصرف، لم ينفذ تصرفه، لأنه قطع عقد لا يفتقر إلى رضا، فلم يفتقر إلى علمه كالطلاق (المهذب مع المجموع ١٣: ١٩٣).