وقال غيره: لأنها تتناول باليد، وفي الحديث: "فتعاوروه بأيديهم" أي تناولوه وتداولوه. وقيل: اشتقاقها من عار إذا ذهب وجاء فسميت بذلك لذهابها إلى يد المستعير ثم عودها إلى يد المعير، ومنه سميت العير: لذهابها وعودتها. ومنه قيل للرجل البطال عيار، وحكى الفراء: رجل عيار: إذا كان كثير الطواف والحركة. (النظم المستعذب في غريب المهذب ١: ٣٦٩، والمبسوط ١١: ١٣٣) واعترض على أن العارية عيب: بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعلها. والأصل فيها: الكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع. أما الكتاب: فقول اللَّه تعالى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} سورة الماعون: ٧، رُوي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا: العواري، أي ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض، وفسرها ابن مسعود فقال: القدر، والميزان والدلو. أما السنة: ففي الصحيحين: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- استعار فرسًا من أبي طلحة فركبه". وفي رواية لأبي داود وغيره بإسناد جيد: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: استعار درعًا من صفوان بن أمية يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ فقال: بل عارية مضمونة. وأما القياس: فلأنه لما جازت الهبة بالأعيان، جازت الهبة بالمنافع، ولذلك صحت الوصية بالأعيان والمنافع جميعًا، ولأنه سبحانه قال {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} النساء: ١١٣. والعارية من المعروف. وقال البخاري: هو المعروف كله، قال تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} والعارية من البر، والماعون. والماعون: كان متعارفًا عليه في الجاهلية بأنه كل ما فيه منفعة من قليل أو كثير، قال الأعشى: بأجود منه بما عونه ... إذا ما سماؤهم لم تغم وفي الإسلام: الطاعة، والزكاة، والمعروف، وأنشدوا للراعي: =