ولنا: أنه أحدث صنعة متقومة، صير حق المالك هالكًا من وجه، ألا ترى أنه تبدل الاسم، وفات معظم المقاصد، وحقه في الصنعة قائم من كل وجه فيترجح على الأصل الذي هو فائت من وجه، ولا نجعله سببا للملك من حيث أنه محظور، بل من حيث أنه أحداث الصنعة، بخلاف الشاة، لأن اسمها باق بعد الذبح والسلخ، وهذا الوجه يشمل الفصول المذكورة، ويتفرع عليه غيرها فاحفظه. وقوله: ولا يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها استحسان. والقياس: أن يكون له ذلك، وهو قول الحسن، وزفر، وهكذا عن أبي حنيفة رحمه اللَّه، رواه الفقيه أبو الليث، ووجهه ثبوت الملك المطلق للتصرف، ألا ترى أنه لو وهبه أو باعه جاز. وجه الاستحسان: قوله عليه الصلاة والسلام في الشاة المذبوحة المصلية بغير رضا صاحبها، أطعموها الأسارى، أفاد الأمر بالتصديق، زوال ملك المالك، وحرمه الانتفاع للغاصب قبل الإرضاء، ولأن في إباحة الانتفاع، فتح باب الغصب، فيحرم قبل الإرضاء، حسمًا لمادة الفساد، ونفاد بيعه، وهبته مع الحرمة لقيام الملك كما في الملك الفاسد، وإذا أدى البدل يباح له، لأن حق المالك، صار موفى بالبدل، فحصلت مبادلة بالتراضي، وكذا إذا أبرأه، لسقوط حقه به، وكذا إذا أدى بالقضاء أو ضمنه الحاكم أو ضمنه المالك لوجود الرضا منه، لأنه لا يقضي إلا بطلبه. (الهداية مع فتح القدير: ٧: ٣٧٥ - ٣٧٨).