وقد روى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إذا قسمت الدار وحددت فلا شفعة) رواه أبو داود، وابن ماجه بمعناه./ المجموع ١٤: ١٣٤/ سنن أبي داود ٢: ٢٥٦. وأما الإجماع: فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم، فيما بيع من أرض، أو دار، أو حائط. والمعنى في ذلك: أن أحد الشريكين إذا أراد أن يبيع نصيبه، وتمكن من بيعه لشريكه، وتخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص، والاستخلاص، فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه، وتخليص شريكه من الضرر، فإذا لم يفعل ذلك، وباعه لأجنبي سلّط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه. ولا نعلم أحدًا خالف هذا إلا الأصم فإنه قال: لا تثبت الشفعة، لأن في ذلك إضرارًا بأرباب الأملاك، فإن المشترى إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعه ويتقاعد الشريك عن الشراء فيستضر المالك وهذا ليس بشيء، لمخالفته الآثار الثابتة، والإجماع المنعقد قبله، والجواب عما ذكره من وجهين: أحدهما: أنا نشاهد الشركاء يبيعون، ولا يعدم من يشتري منهم، غير شركائهم ولم يمنعهم استحقاق الشفعة من الشراء. الثاني: أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم، فيسقط استحقاق الشفعة، واشتقاق الشفعة من الشفع وهو الزوج، فإن الشفيع كان نصيبه منفردًا في ملكه، فبالشفعة يضم المبيع إلى ملكه، فيشفعه به. وقيل: اشتقاقها من الزيادة، لأن الشفيع يزيد المبيع في ملكه/ المغني لابن قدامة ٥: ٢٢٩. قال الماوردي في الحاوي: إن ما روي في الشفعة وإن لم يكن متواترًا فالعمل به مستفيض يصير به الخبر كالمتواتر، ثم الإجماع عليه منعقد، والعلم بكونه شرعًا واقع وليس في التمسك بحديث (لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيب نفس منه). ما يمنع من الشفعة؟ لأن المشترى يعاوض عليها بما بذله، فيصل إليه ولا يستحل منه. فإذا ثبت هذا فإن الشفعة تجوز للمسلم، والكافر عند الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك. وخالف أحمد فقهاء مذهبه على أنه لا شفعة لكافر على =