وقال أبو ذئب: وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أوضع التوابع تبع أي صنعهما وأحكم صنعتهما./ النظم المستعذب ٢: ٢٩. قال السرخسي رحمه اللَّه: اعلم بأن القضاء بالحق من أقوى الفرائض بعد الإيمان باللَّه تعالى، وهو من أشرف العبادات، لأجله أثبت اللَّه تعالى لآدم عليه السلام اسم الخلافة فقال جل جلاله: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} سورة البقرة: ٣٠ وأثبت ذلك لداود عليه السلام فقال تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} سورة ص ٢٦ وبه أمر كل نبي مرسل، حتى خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} سورة المائدة/ ٤٧ وقال اللَّه تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} سورة المائدة/ ٤٩. وهذا لأن في القضاء بالحق إظهار العدل، بالعدل قامت السموات والأرض ورفع الظلم، وهو ما يدعو إليه عقل كل عاقل، وإنصاف المظلوم من الظالم، واتصال الحق إلى المستحق، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ولأجله، بعث الأنبياء، والرسل، صلوات اللَّه عليهم، وبه اشتغل الخلفاء الراشدون رضوان اللَّه عليهم أجمعين/ المبسوط للسرخسي ١٦: ٥٩ - ٦٠. هذا والأصل في القضاء ومشروعيته الكتاب والسنة، والإِجماع. أما الكتاب: فقول اللَّه تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} سورة ص/ ٢٦. وقول اللَّه تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} سورة المائدة/ ٤٩، وقوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} سورة النور/ ٤٨، وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} سورة النساء/ ٦٥. وأما السنة: فما روى عمرو بن العاص عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ له أجر) / السنن الكبرى ١٠: ١١٨. =