للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية الثانية: قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} (١).

وجه الاحتجاج: أنه أسند السجود إلى هؤلاء المذكورين، والسجود مشترك بين وضع الجبهة والخضوع (٢)، فإما أن يراد به معنى غيرهما، أو وَضْع الجبهة وحده، أو الخضوع وحده، (أو يرادا) (٣) معًا.

والكل باطل سوى القسم الرابع، فالأول: لكونه خلاف الأصل، إذ الأصل عدمه (٤)، والثاني كذلك؛ لامتناع إسناده إلى كل واحد، والثالث كذلك؛ لأنه حينئذ لا يبقى لتخصيص كثيرٍ من الناس (٥) بالذكر فائدة؛ إذ الخضوع شامل لجميع المخلوقات، فإنها خاضعة بلسان الحال لما فيها من الدلالة على الصانع والوحدانية؛ فتعين الرابع، وحينئذ يكون اللفظ الواحد مستعملًا في مدلولَيْه المختلِفَيْن دفعة واحدة، وهو المدَّعى.

واعْتُرِض على الاحتجاج بهذا: بأنَّا (٦) لا نسلم أن هذا استعمال


(١) سورة الحج: الآية ١٨.
(٢) انظر: لسان العرب ٣/ ٢٠٤، المصباح ١/ ٢٨٦، مادة (سجد).
(٣) في (ت): "أو إما أن يرادا".
(٤) أي: الأصل عدم معنى غيرهما.
(٥) في قوله تعالى: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ}.
(٦) في (ت): "أنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>