للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: للقائلين بأن الواو للترتيب: أن الرجل إذا قال لزوجته التي لم يدخل بها: أنت طالق، وطالق - طلقت واحدةً على المذهب الصحيح (١)، ولو كانت الواو لمطلق الجمع لكان مثل قوله: أنت طالق طلقتين - حتى تقعا.

أجاب: بأن قوله: "وطالق" معطوف على الإنشاء، فكان إنشاء آخر أتى به بعد تمام الأول وعَمَلُه عَمَلُه؛ لأن معاني الإنشاء مقارنةٌ لألفاظها، فيكون قوله ثانيًا: "وطالق" إنشاءً لإيقاع طلقة أخرى في غير وقتٍ قابلٍ للطلاق؛ لأنها بالأُولى بانت، إذ هي غير مدخول بها، بخلاف قوله طلقتين، أو ثلاثًا. فإنه تفسير للكلام الأول، وبيانٌ لما قصَد به، لا إنشاءٌ ثان.

[خاتمة]

قد عرفتَ دعوى إمام الحرمين: أن المُشْتهِر من (٢) أصحاب الشافعي أن الواو للترتيب، وما قاله الماوردي، وهذا لَعَلَّهُ أُخِذ من مسألة الترتيب في الوضوء، وإنْ كان كذلك فهو لا يكفي في تسويغ النقل على هذه الصورة؛ فإنَّ للأصحاب مُسْتَنَدًا آخر غير كون الواو للترتيب. وقد قيل: إن الناقلين لكون الواو للترتيب (عن الشافعي إنما هم قوم من الحنفية من غير ثَبْت (٣)، بل بمجرد ظن من مسألة الترتيب) (٤) في الوضوء؛ ولذلك قال


(١) انظر: نهاية المحتاج ٦/ ٤٥١.
(٢) في (ص): "في".
(٣) أي: من غير تثبت.
(٤) سقطت من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>