للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي في "الرسالة" في ابتداء الناسخ والمنسوخ: وليس يُنْسخ فرضٌ أبدًا إلا أُثْبت مكانه فرضٌ، كما نُسخت قِبْلة بيت المقدس فأثبت مكانها الكعبة. انتهى. وظاهر هذه العبارة أنه لا يقع النسخ إلا ببدل، وليس ذلك مراده، بل هو موافق للجماهير على أن النسخ قد يقع بلا بدل، وإنما أراد الشافعي بهذه العبارة كما نبَّه عليه أبو بكر الصيرفي في "شرح الرسالة": أنه يُنقل من حظرٍ إلى إباحة، أو إباحة إلى حظر أو تخيير، على حسب أحوال الفروض. قال: ومَثَل ذلك مَثَلُ المناجاة: كان يُناجى النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا تقديم صدقة، ثم فَرَض الله تقديم الصدقة، ثم أزال ذلك، فردهم إلى ما كانوا عليه، فإن شاؤوا تقربوا بالصدقة إلى الله، وإن شاؤوا ناجَوْه من غير صدقة. قال: فهذا معنى قول الشافعي: "فرضٌ مكان فرض" فتفهَّمه. انتهى. وهذا لا يخالفه فيه الأصوليون، فإنهم يقولون: إذا نُسخ الأمر بقوله: رفعتُ الوجوب، أو التحريم، مثلًا عاد الأمر إلى ما كان عليه، وهو حكم أيضًا" (١).

[الإحالات العلمية]

سبق وأن ذكرنا أن التاج كان آية في زمانه في شتى الفنون، وقد ساعده على ذلك بيئته العلمية وتقلبه بين يدي العلماء المبرزين، زد على ذلك ما ورثه عن أبيه من مكتبة زاخرة بالمصادر والمراجع في علوم مختلفة. ولذا فإحالاته كثيرة سواء على مصادر أخذ منها منسوبة لغيره، أو مصادر له من تأليفه.


(١) ينظر: ص ١٦٧٤ - ١٦٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>