اعتمد هذا الاختيار على مكانة المدرِّس وشهرته العلمية، بحيث ينتقل طالب العلم من بلد بعيدٍ ليتتلمذ على فقيه أو محدث مشهور. فإذا أتم الطالب دراسته وتأهل للفتيا والتدريس أجاز له شيخه ذلك، وكتب له إجازة يذكر فيها اسم الطالب وشيخه ومذهبه وتاريخ الإجازة وغير ذلك.
ولا شك في أن قيمة هذه الإجازة كانت تتوقف على سمعة الشيخ الذي صدرت عنه ومكانته العلمية.
والواقع أن المدارس في عصر المماليك تمتعت بدخل مالي ثابت مكَّنها من أداء رسالتها وتدعيم نظامها. أما هذا الدخل فكان مصدره الأوقاف: من أراضٍ وبيوتٍ وأسواقٍ ومعاصرَ وغيرها، وهي أوقاف كان يُنفق مِنْ ريعها على المدرسة ومَنْ فيها مِنْ مدرسين وطلاب علمٍ وموظفين (١).
[المكتبات]
وإذا كانت الحياة العلمية قد نشطت في عصر المماليك - فإنه يلاحظ أن الركن الأول للنشاط العلمي في أي زمان ومكان هو الكتب والمكتبات. فبدون الكتب والمكتبات لا تستطيع المدارس أن تؤدي مهمتها، ولا يستطيع المتعلِّمون والمعلِّمون أن يواصلوا رسالتهم. لذلك لا عجب إذا شهد عصر المماليك نشاطًا منقطع النظير في التأليف من ناجية، وفي جمع الكتب وإنشاء المكتبات والعناية بها من ناحية ثانية. وكان سلاطين المماليك أنفسهم أول مَنْ قدَّر أهمية الكتب فاحتفظوا في قلعة الجبل بخزانة كتب