للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن ليس فيها اعتقاد ولا ظن بل تصور محض، ولا يجوز أن تكون هي المراد ههنا؛ لأنَّ الفقه تصديق لا تصور.

[الوجه الثاني من الكلام على التعريف: الباء في قوله: (بالأحكام).]

ولْنُقَدِّم مقدمةً: وهي أنَّ "عَلِم" فِعْل مُتَعَدٍّ بنفسه، وقد جاء بالباء في قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (١) فاحتمل زيادتَها، واحتمل أن (٢) يكون عَلِم مُضَمَّنًا معنى أحاط.

ومما يتنبه له أنّ "علم" المتعدية إلى مفعولين لم يُدْخِلوا الباءَ على واحد من مفعولَيْها إذا ذُكِرا صريحَيْن، ودخلت على أنَّ وصلتها السادة مَسَدَّهما؛ لدلالتها على النسبة التى هي المعلومة، وهذا يُقَوِّي التضمين، ويُقَوِّي قول أكثر النحويين أنها سادة مسد المفعولين، يُضْعِف قولَ مَنْ يُقَدِّر معها مفعولًا ثانيًا؛ لأنَّ المفعول الأول لا يدخل عليه الباء وليس هو المعلوم، أعني: المُخْبَر بعلمه، إنما المُخْبَر بعلمه نسبة الثاني إليه، وإذا قلت (٣): علمتُ قيامَ زيدٍ، بمعنى أنَّه قام أو يقوم - جاز دخول الباء في المفعول، كما تدخل على "أنْ"؛ لأنَّ المعلوم فيهما ثبوت النسبة.

وإذا كانت عَلِم بمعنى عَرَف (٤) جاز دخول الباء على مفعولها، وتكون زائدة كقولك: عرفته وعرفت به.


(١) سورة العلق: ١٤.
(٢) في (ص)، و (ك): "بأن".
(٣) سقطت من (ص)، و (ك).
(٤) علم خاص بالأخبار، وعَرَف خاص بالمفردات. فيكون عَلِم هنا للمفردات.

<<  <  ج: ص:  >  >>