للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥ - صرامته في الحق وصدعه به، وعدم محاباته فيه]

قال التاج: "كان لا يُحابي في الحقِّ أحدًا، وأخباره في هذا الباب عجيبة. حكم مرةً في واقعةٍ جرت، وصمم فيها، وعانده أرغُون الكامليُّ نائبُ الشام (١)، وكاد الأمر يَطْلَخِمُّ (٢)، شامًا ومصرًا، فذكر القاضي صلاح الدين الصَّفَدي أنه عَبَر إليه، وقال: يا مولانا، قد أَعْذَرْتَ، ووفَّيْتَ ما عليك، وهؤلاء ما يُطيعون الحقَّ، فلِمَ تُلْقِي بنفسك إلى التَّهْلكة وتُعاديهم!.

قال: فتأمَّل فِيَّ مليًّا ثم قال:

وليتَ الذي بيني وبينك عامرٌ ... وبيني وبينَ العالمين خرابُ (٣)

والله لا أُرضي غيرَ الله.

قال: فخرجتُ مِنْ عندِه، وعرفتُ أنه لا يرجع عن الحقِّ بزخارفَ مِن القول.


(١) هو أرغون الصغير الكاملي. كان أحد مماليك الصالح إسماعيل، وكان جميلًا جدًا، وَلِي نيابة حلب، ثم وَلِي نيابة دمشق، ثم اعتقل بالإسكندرية، ثم أُفرج عنه، وأقام بالقدس بَطَّالًا لإلى أن كانت وفاته بها سنة ٧٥٨ هـ.
انظر: البداية والنهاية ١٤/ ٢٧٠، شذرات ٦/ ١٨٤.
(٢) أي: يشتد. وفي اللسان ١٢/ ٣٦٩، مادة (طلخم): "اطْلَخَمَّ الليلُ والسحابُ: أظلم وتراكم مثل: اطْرَخَمَّ. . . وأمورٌ مُطْلَخِمَّاتٌ: شِدادٌ".
(٣) البيت لأبي فراس الحمداني. انظر: ديوانه ١/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>