للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلتُ أنا: هذا في الرافعيّ (١)، أيُّ حاجةٍ إلى نقله عن ابن الرفعة عن مُجَلِّي (٢)! .

فقال لي الشيخ الإمام: اسكُت مِنْ أين لك؟ هاتِ النَّقْل وانزعج.

فقمتُ وأحضرتُ الجزءَ من الرافعيّ، وكان ذلك الطالب قد قام، فوالله حين أقبلتُ به قبل أن أتكلم قال: الذي ذكرتَه في أوائل كتاب الإيمان من الرافعيّ، وأنا أعرف هذا، ولكنْ فقيهٌ مسكينٌ طالبُ علمٍ، يريد أن يُظهر لي أنه استحضر مسألةً غريبة، تُريد أنت أن تُخْجِلَه، هذا ما هو مَليح.

وكان يتفق له مثل هذا كثيرًا، يَنقل عنده طالبٌ شيئًا على سبيل الاستغراب، فلا يُبَكِّتُه، بل يستحسنه، وهو يستحضره مِنْ أماكن كثيرة، بحيث يَخْرج الطالبُ وهو يتعجب منه؛ لأنه يظنه أنه لم يكن مستحضرًا له، وما يدري المسكين أنه كان أعرفَ الناس به، ولكنه أراد جَبْره" (٣).


(١) هو أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القَزْويني الرافعي، نسبة إلى رافع بن خَدِيج الأنصاري - رضي الله عنه -. ولد سنة ٥٥٥ هـ. كان رحمه الله متضلعًا من علوم الشريعة تفسيرًا وحديثًا وأصولًا، وأما الفقه فهو فيه عمدة المحقِّقين، وأستاذ المصنِّفين. قال النووي: "هو من الصالحين المتمكنين، كانت له كرامات كثيرة ظاهرة". من مصنفاته: "الفتح العزيز في شرح الوجيز" وكفى به شرفًا، شرح مسند الشافعي، المحرَّر. تُوفي سنة ٦٢٤ هـ قاله ابن الصلاح، وجزم الذهبي أنه توفي سنة ٦٢٣ هـ. انظر: سير ٢٢/ ٢٥٢، الطبقات الكبرى ٨/ ٢٨١، طبقات الإسنوي ١/ ٢٨١.
(٢) أي: ما الحاجة إلى نقل المسألة عن ابن الرفعة وهو متأخِّر، وهي موجودة عند الرافعي، وهو متقدِّم، وإنما يُنقل عن المتأخِّر ما لم يذكره المتقدم.
(٣) انظر: الطبقات الكبرى ١٠/ ٢١٩ - ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>