للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل زال الوجوب لعدم القدرة لا غير (١). ثم إنَّ ما ذكره مخالف لما قاله في النَّسْخ مِنْ أنه لا بد وأن يكون طريق شرعي (٢).

قال: (الثاني: الحس. مثل: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}).

المخصِّص الثاني من المخصصات المنفصلة: الحس (٣).

مثل: قوله تعالى حكاية عن بلقيس: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (٤)، فإن مقتضاه: أنها أوتيت مِنْ كلِّ شيءٍ بعضَه (٥) ونحن نعلم أنها لم تؤت شيئًا مما كنا نشاهده (٦) في يد سليمان عليه السلام.


(١) أي: الوجوب كان ثابتًا ومشروطًا بالقدرة والاستطاعة، فلما سقطت الرجلان زالت القدرة والاستطاعة فارتفع الحكم، وارتفاع الحكم بارتفاع الشرط لا يسمى نسخًا، فإنَّ مَنْ سافر في رمضان لم ينسخ عنه الصوم؛ لأنه إنما وجب بشرط الإقامة. وإذا حاضت المرأة لا يقال: نُسخ عنها الصوم والصلاة. بل النسخ إنما يتحقق في حكمٍ ترتب على شرط، فلم يبق مترتبًا على ذلك الشرط. أو في محلٍّ بغير شرط، فلم يبق في ذلك المحل. وحاصله أنه رفع الحكم بعد ثبوته، وهذه الأحكام ما ثبتت في أصل الشريعة إلا مشروطة بهذه الشروط على هذه الأوضاع، فما تغيَّر شيءٌ حتى يقال: إنه نسخ. انظر: نفائس الأصول ٥/ ٢٠٧٣ - ٢٠٧٤.
(٢) انظر: المحصول ١/ ق ٣/ ٤٢٨ - ٤٢٩.
(٣) المراد بالحس المشاهدة، وإلا فالدليل السمعي من المحسوسات أيضًا، وقد جعله المصنف قسيمه. انظر: نهاية السول ٢/ ٤٥١، المحلي على الجمع ٢/ ٢٤، شرح الكوكب ٣/ ٢٧٨.
(٤) سورة النمل: الآية ٢٣.
(٥) أي {مِنْ} في الآية للتبعيض.
(٦) إنما عبَّر الشارح بالمشاهدة ليدل على أن المخصِّص هو الحس. والمعنى: نحن نعلم أنها لم تؤت شيئًا مما كان يشاهده الناس في ذلك الوقت بيد سليمان عليه الصلاة والسلام، ولو كنا في ذلك الوقت لشاهدنا ذلك، فالمخصِّص هو الشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>