للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (الباب الثالث: في ترجيح الأخبار.

وهو على وجوه:

الأول: بحال الراوي فيرجح بكثرة الرواة وقلة الوسائط وفقه الراوي وعلمه بالعربية وأفضليته وحسن اعتقاده وكونه صاحب الواقعة وجليس المحدثين ومختبرًا ومعدلًا بالعمل على روايته وبكثرة المزكين وبحثهم وعلمهم وحفظه وزيادة ضبطه ولو لألفاظه - صلى الله عليه وسلم - ودوام عقله وشهرته وشهرة نسبه وعدم القياس اسمه وتأخر إسلامه).

اعلم أنّ تعارض الأخبار إنما يقع بالنسبة إلى ظنّ المجتهد، أو بما يحصل من خلل بسبب الرواة، وأمّا التعارض في نفس الأمر بين حديثين صحّ صدورهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو أمر - معاذ الله - أنْ يقع؛ ولأجل ذلك قال الإمام أبو بكر بن خزيمة - رضي الله عنه -: لا أعرف أنَّه روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأت به حتّى أؤلف بينهما (١).


(١) انظر: الكفاية ص ٦٠٦؛ والتقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي: ص ٢٨٥؛ وفتح المغيث ج ٤ ص ٦٥.
وللشافعي قول يشبه هذا حيث قال في الرسالة: "ولم نجد عنه [صلى الله عليه وسلم] شيئًا مختلفا فكشفناه إلا وجدنا له وجهًا يحتمل به ألا يكون مختلفا، وأن يكون داخلا في الوجوه التي وصفت". وقال: "ولم نجد عنه [صلى الله عليه وسلم] حديثين مختلفين إلا ولهما مخرج، أو على أحدهما دلالة بأحد ما وصفت: إما موافقة كتاب أو غيره من سنته أو بعض الدلائل". الرسالة ص ٢١٦ - ٢١٧. وينظر كلام ابن خزيمة في: البحر المحيط للزركشي: ٦/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>