للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعزة المؤمن ليست من جنس الكبر واحتقار الناس، أو رؤية تميز النفس عن الغير، بل عزته شعوره بأنه عبدٌ لعزيز، قويٌّ قادر قاهر لا يُغلب، وهو يدافع عن أوليائه.

أبي الإسلام لا أبَّ لي سواه ... إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ

نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله كلامًا للتقي رحمه الله، يدل على كراهته لسؤال الناس، وعزوف نفسه عن ذلك، لما في السؤال من المذلة والهوان، وشعور المُسْدِي للمعروف غالبًا بالتفضل والمِنَّة على السائل، وأن له يدًا عليه لا بد من مكافأتها، وهذه عبودية لا يرتضيها المؤمن الصادق، فوجهه وقلبه لا يذل إلا لخالقه، والأحرارُ من الرجال الذي يرون المعروفَ والفضلَ لمن سألهم - قليلٌ، وأقل من القليل.

[٤ - حياؤه]

قال التاج رحمه الله: "وكان كثير الحياء جدًا، لا يُحب أن يُخْجِل أحدًا، وإذا ذكر الطالبُ بين يديه اليسيرَ من الفائدة استعظمها، وأوهمه أنه لم يكن يَعْرِفُها، لقد قال له مرةً بعض الطَّلَبة بحضوري: حكى ابنُ الرِّفعة عن مُجلِّي (١) وجهين في الطلاق، في قول القائل بعدَ يمينه: إن شاء الله تعالى، هل هو رافعٌ لليمين، فكأنها لم تُوجَد، أو نقول: إنها انعقدت على شرط؟.


(١) هو مجَلِّي بن جُمَيْع بن نجا المخزومي، قاضي القضاة، أبو المعالي. كان من أئمة الشافعية، وكبار الفقهاء، وإليه تَرجِع الفتيا بديار مصر. من مصنفاته: الذخائر، إثبات الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، الكلام على مسألة الدَّوْر. توفي سنة ٥٥٠ هـ. انظر: الطبقات الكبرى ٧/ ٢٧٧، سير ٢٠/ ٣٢٥، شذرات ٤/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>