للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليل قبل الفجر، ويكون من مجاز التعبير بالأعم عن الأخص؛ فإن الشرع لم يصرح بتبييت النية، وإنما صرح بتبييت الصوم وما ذكرناه مَحْمل صالح له والمجاز أولى من النقل (١).

قال: (السادس: الإضمار خير منه؛ لأنه مثل المجاز، كقوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} فإن الأخذ مضمر، والربا نُقِل إلى العقد).

الإضمار أولى من النقل:

لأن الإضمار مساوٍ للمجاز لما سيأتي إن شاء الله تعالى، والمجاز أولى من النقل لما مَرَّ.

ومثاله (٢): قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٣) فإن الربا: هو الزيادة. والزيادة بعينها (٤) لا توصف بحل ولا حرمة، فلا بد من تأويل، فأضْمَرَت


(١) المعنى: أن الشافعي يقول للمالكي: لا نسلم أن الصيام منقول إلى المعنى المخصوص، بل هو مجاز؛ لأن ظاهر الحديث: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام" يدل على وجوب صيام الليل كله، مع أن الليل ليس محلًا للصوم، فوجب حَمْل تبييت الصوم على المجاز وهو إمساك جزءٍ من الليل قبل الفجر، ويكون هذا من مجاز إطلاق العام وإرادة الخاص، وليس في الحديث تعرض للنية، فالحديث تَعَرَّض لتبييت الصيام يعني: صيام الليل، لا نية الصيام، فما ذكره الشافعية من المعنى المجازي مَحْمل للحديث، وهو أولى من النقل الذي قاله المالكية؛ لأنهم لما نقلوا الصيام إلى المعنى المخصوص، فسَّروا التبييت بالنية، والمجاز أولى من النقل.
(٢) في (ص)، و (غ)، و (ك): "مثاله".
(٣) سورة البقرة: الآية ٢٧٥.
(٤) في (ت)، و (غ)، و (ك): "نفسها".

<<  <  ج: ص:  >  >>