عاش الإمامان تقي الدين السبكي وابنه تاج الدين - رحمهما الله - في فترة من الزمن كان العالم الإسلامي فيها متأثرًا بأحوال سياسية مضطربة مرت به من قبل، ولا زال أثرها باقيًا، حيث قد تعرض لهجمات وحشية في مطلع القرن السابع الهجري سنة ٦١٦ هـ، قام بها المغول الذين قدموا مِن أقصى الشرق، واجتاحوا العالم الإسلامي، وعاثوا فيه فسادًا، وأشاعوا فيه الرعب والخوف بين الناس، بقيادة طاغيتهم المفسد "جنكيزخان"، ولم يكن قصدهم الفتح والاستيطان، ولا الغُنْم والاستلاب فحسب، بل إراقة الدماء، وتعذيب الأرواح، ودَرْس البلاد، وملاشاة العمران، فذبحوا الشعوب، ودَكُّوا المدن، بحيث لم تنج بلاد حَلَّ فيها المغول من الهول، وكان شأنُهم في قطر شأنَهم في سائر الأقطار.
ولما مات جنكيزخان عام ٦٢٦ هـ تابع أولاده اجتياح الأقاليم الإسلامية ونهب خيراتها، وإذلال أهلها، إلى أن تولى حفيده هولاكو القيادة عام ٦٥٤ هـ، وسار على نهج جده في القتل والإبادة، وكلما مرَّ على مدينة خَرَّبها وأذل أمراءها وحكامها، وضرب عُنق مَنْ عصى منهم، وسفك الدماء، وغصب الأموال.