للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن إنصافه ترجيحه لغير المذهب الشافعي في مسألة نظر العبد إلى سيدته فيقول: ". . . أكثر أصحابنا أنَّ نظر العبد إلى سيدته حلال، وإن كان سليم الذَّكَر والأُنثيين. هذا ما رجَّحه الرافعي والنووي. وعلى هذا نَظَرُ الطواشي (١) أولى بالحل، ولكن الصحيح عند الشيخ الإمام وجماعة أنَّ نظر السليم الذكر والأنثيين إلى سيدته حرام، وهو الحق، فكيف يُباح نظر المماليك الحِسان الذين يفتنون بجمالهم - إلى سيداتهم، والنساء ناقصات عقلٍ ودين" (٢).

[٢ - الرجوع إلى الحق]

الرجوع إلى الحق من سمات أهل الإخلاص، ولا ضَيْر على المرء أن يُقر بخطئه، ويُفصح عن زَلَلِه؛ لأنَّ ذلك علامة نُبْله ومروءته.

ونفس اللئيم تأبى الاعتراف، وتُصِرُّ على الاقتراف، وتظن أن ذلك مِن حفظ قدرها، ومراعاة شأنها، وما ظَنَّ الوضيع أن ذلك سبيل بَخْسها، وطريق ذِلَّتها، فالعزُّ في الذل، والذلُّ في العزّ، فَعِزُّها في ذلها للحق وخضوعِها له، وذلها في عزها عن الحق واستكبارها عنه.

وما زال الفضلاء في كل عصر ومصر يتبجحون بالرجوع إلى الحق، والاعتراف بالخطأ، لأن هذا سبيل الشُّرَفا، أهل الصِّدق والوفا. وهذا الإمام ابن السبكي رحمه الله يُفصح عن مروءته ونُبْله بتسطير خطأ وقع فيه


(١) هو الممسوح الذي ذهبت أنثياه وذَكَرُه بالكلية. انظر: معيد النعم ص ٣٩.
(٢) انظر: معيد النعم ومبيد النقم ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>