قلت: قد قلنا: إنَّ الأصل عندنا أن الاستثناء يعود على الجميع، وقد يتخلَّف ذلك لدليل، وفي الآية الأولى تخلَّف لعدم الإمكان، وفي آية القاذف لأنه حق آدمي لا يسقط بالتوبة. وأما الحنفية فلا عذر لهم في مخالفة أصلهم.
قال:(الثاني: الشرط: وهو ما يتوقف عليه تأثير المؤثِّر، لا وجوده. كالإحصان).
القسم الثاني من أقسام المخصِّصات المتصلة: الشرط.
وهو في اللغة: العلامة. ومنه أشراط الساعة، أي: علاماتها (١).
وفي الاصطلاح: هو الذي يَتَوَقَّف عليه تأثيرُ المؤثِّر لا وجودُ المؤثر.
(١) هذا المعنى بالنسبة للشَّرَط بفتح الراء، كما هو في لسان العرب ٧/ ٣٢٩، والقاموس المحيط ٢/ ٣٦٨، والصحاح ٣/ ١١٣٦، والمصباح المنير ١/ ٣٣١، مادة (شرط). قال الزركشي رحمه الله تعالى عن الشرط: "قالوا: وهو لغة: العلامة، والذي في الصحاح وغيره من كتب اللغة ذلك في الشَّرَط بالتحريك، وجمعه أشْراط، ومنه أشْراط الساعة، أي: علاماتها. وأما الشَّرْط بالتسكين - فجمعه شروط في الكثرة، وأشْرُطٌ في القلة، كفُلُوس وأفْلُس". البحر المحيط ٤/ ٤٣٧. وفي القاموس المحيط ٢/ ٣٦٨: "الشَّرْط: إلزامُ الشيء والتزامُه في البيع ونحوه كالشَّريطَة ج شُرُوط". وفي اللسان ٧/ ٣٣٠: "وأشْراط الشيء: أوائلُه. قال بعضهم: ومنه أشراط الساعة، وذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، والاشتقاقان متقاربان؛ لأن علامة الشيء أوَّله. وَمَشارِيط الأشياء: أوائلها كأشْراطها. . . الأصمعي: أشْراط الساعة علاماتها، قال: ومنه الاشْتراط الذي يشترط الناسُ بعضُهم على بعض أي: هي عَلامات يجعلونها بينهم". فعلى هذا يكون إطلاق الشَّرْط - بالتسكين - بمعنى العلامة مجاز لغوي؛ لأن الشرط أول الشيء، وأول الشيء علامة له.