للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالإحصان لوجوب الرجم. فإن تأثيرَ المؤثِّر في وجوب الرجم وهو الزنا - متوقفٌ عليه، دون وجوده؛ لأنه قد يوجد الزنا ولا يوجد الإحصان. وإنما قال: "لا وجوده" ولم يقل: "لا ذاته" كما فعل الإمام (١)؛ لئلا يرد على طَرْده (٢) العلة التامة: وهي المركبة من المقتضِي، والشرط، وانتفاء المانع. فإن تأثيرها متوقف على ذاتها بالضرورة، فالشرط جزؤها، وذاتها لا تتوقف عليها؛ لأن الشيء لا يتوقف على نفسه. وهذا بخلاف الوجود، فإنه على رأي المصنف وصف عارض للماهية، كما تقدم في الاشتراك، (فلا تدخل) (٣) تحت الحد (٤). فافهم


(١) تعريف الإمام للشرط: هو الذي يقف عليه المؤثِّر في تأثيره، لا في ذاته. انظر: المحصول ١/ ق ٣/ ٨٩.
(٢) الطَّرْد: هو المنع، أي: لئلا يُعْترض على الحد بأنه ليس بمانع.
(٣) في (ت)، و (ص): "فلا يدخل". وهو خطأ؛ لأن هذا يُوهم أن الفاعل هو الوجود، مع أنه هو العلة التامة. وفي (غ)، و (ك): "فلا يدخل" (بدون تنقيط).
(٤) المعنى والله أعلم: أنه إذا قلنا في تعريف الشرط بقول الإمام: ما يتوقف عليه تأثير المؤثر لا ذاته - فإن الحد يكون غير مانعٍ؛ لدخول العلة التامة فيه، إذ تأثيرها متوقف على ذاتها، وذاتها غير متوقفة على ذاتها؛ لأن الشيء لا يتوقف على نفسه، فأصبح التأثير متوقفًا على الذات، وذات العلة غير متوقف على ذاتها، وهذا هو تعريف الشرط، كما يقول الإمام. لكن لو قلنا بقول الماتن في تعريف الشرط: ما يتوقف عليه تأثير المؤثِّر لا وجوده، فإن قيد "لا وجوده" يُخْرج العلة التامة؛ لأن وجود العلة التامة متوقف على ذاتها، لكونها تامة مستلزمة لوجودها، فتأثير العلة التامة متوقف على ذاتها، ووجودها متوقف على ذاتها أيضًا، فخالفت الشرط الذي يتوقف عليه تأثير المؤثر لا وجوده. وتوقف الوجود على الذات في العلة التامة غير ممتنع؛ لكون الوجود صفةً عارضةً خارجة عن الذات، فليس توقف الوجود على الذات من قبيل توقف الشيء على نفسه، فكان حد المصنف مانعًا، بخلاف حدِّ الإمام، =

<<  <  ج: ص:  >  >>