للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه السادس: قوله: "المكتسب من أدلتها" صفةٌ للعلم، وفي بعض النسخ: المكتسبة، صفة للأحكام، والأول أحسن بل يتعين، وإلا لاحتاج الحد إلى زيادة قوله: إذا حصل بالاستدلال.

وعلى كلا التقديرين فهو احتراز عن علم الله تعالى، وما يُلقيه في قلب الملائكة والأنبياء من الأحكام من غير اكتساب.

واحترازٌ أيضًا عن العلم بوجوب الصلاة والزكاة والصوم ونحوه، مما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ لأنَّ لفظ الفقه يُشْعِر بالعلم بما فيه دِقَّة ولا دقة في ذلك؛ ولأن العوام يعلمون ذلك ولا يُسَمَّوْن فقهاء.

وقال التِّبْريزيُّ (١) في هذا القسم المعلوم بالضرورة: إنه فِقْه وإن لم يسم المتصِف به فقيهًا؛ فذلك لأنَّ للعلماء في اسم الفقيه عرفًا كما أنّ لهم في اسم الفِقْه عرفًا، وكون تلك العلوم ضرورية، لا يخرجها عن كونها فِقْهًا


(١) هو أبو زكريا يحيى بن عليّ بن محمد الشيبانيّ، الخطيب التِّبْريزيّ. ولد سنة ٤٢١ هـ. كان أحد الأئمة في النحو واللغة والأدب، وسمع الحديث، وكتب الأدب على خلق، وانتهت إليه الرياسة في فنّه، وشاع ذكره في الأقطار. قال أبو منصور ابن خيرون: "ما كان بمَرْضيِّ الطريقة، كان يُدمن شرب الخمر، ويلبس الحرير والعمامة المُذهَّبة، وكان الناس يقرؤون عليه تصانيفَه وهو سكران"، لكنه كان ثقةٌ في اللغة وما كان يرويه ويَنْقُلُه. كذا قال ابن ناصر الحافظ.
من مصنفاته: شرح القصائد العشر. قال السيوطي: "ملكتُه بخطِّه"، تفسير القرآن والإعراب، شرح اللمع، الكافي في العروض والقوافي، وغيرها مات فجأة في جمادى الأولى سنة ٥٠٢ هـ. انظر: الأنساب ١/ ٤٤٦ معجم الأدباء ٢٠/ ٢٥، وفيات ٦/ ١٩١، سير ١٩/ ٢٦٩، بغية ٢/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>