للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلك، بل يجتزئ بيسير المأكل، ونَزْر المَلْبَس" (١).

[٧ - عبادته وتقواه]

يقول التاج رحمه الله: "وأما باب العبادة والمراقبة: فوالله ما رأتْ عينايَ مثلَه، كان دائمَ التلاوة والذكر، وقيامِ الليل، جميعُ نومه بالنهار، وأكثرُ ليله التلاوة، وكانت تلاوتُه أكثرَ مِنْ صلاته، ويتهجد بالليل، ويقرأ جهرًا في النوافل، ولا تراه في النهار جالسًا إلا وهو يتلو، ولو كان راكبًا، ولا يتلو إلا جَهْرًا، وكان يتلو في الحمَّام وفي المَسْلَخ.

وأما باب الغيبة: فوالله لم أسمعه اغتاب أحدًا قط، لا من الأعداء، ولا مِنْ غيرهم، ومِنْ عجيب أمره أنه كان إذا مات شخصٌ مِنْ أعدائه يَظْهَرُ عليه من التألُّم والتأسُّف شيءٌ كثير. ولما مات الشيخ فخر الدين المصري رثاه بأبياتِ شِعر، وتأسَّف عليه.

وكذلك لما مات القاضي شهابُ الدين بن فضل الله - الذي سُقنا كلامه فيه فيما مضى - ولا يخفى ما كان بينهما، ومن الغريب أنه قرأ طائفةً من القرآن ثم أهداها له، فقلتُ له: لِمَ هذا! أنت لم تظلمه قَطُّ، وهو كان يظلمك فما هذا!.

فقال: "لَعَلِّي كرهتُه بقلبي في وقتٍ لحظٍّ دنيوي". فانظر إلى هذه المراقبة.


(١) انظر: الطبقات الكبرى ١٠/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>