قال التاج رحمه الله:"ابتدأ به الضعف في ذي القَعدة، سنة خمس وخمسين وسبعمائة، واستمر عليلًا إلا أنه لم يُحَمَّ قط. وسمعته يقول: كنت أقرأ سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن هشام، في سنة ست وسبعمائة، فَعَرضتْ لي حُمَّى في بعض الأيام، وجاء وقتُ الميعاد، فأتى كاتب الأسماء وقال وأنا محمومٌ: "قد اجتمعت الناس". فكِدتُ أُبَطِّل، ثم قلتُ: لا والله لا بَطَلَّتُ مجلسًا تُذكر فيه سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتحاملتُ وأنا محمومٌ، وقرأتُ الميعادَ، ووقع في نفسي أني لا أُحَمُّ أبدًا، فما حصلت لي حُمَّى بعدها.
واستمر بدمشق عليلًا إلى أن وَلِيتُ أنا القضاء، ومكث بعد ذلك نحو شمهر، وسافر إلى الديار المصرية، وكان يذكر أنه لا يموت إلا بها، فاستمر بها عليلًا يُوَيْماتٍ يسيرةً، ثم تُوفيَ ليلة الاثنين المُسْفِرة عن ثالث جُمادى الآخرة، سنة ست وخمسين وسبعمائة بظاهر القاهرة، ودُفِن بباب النَّصر، تغمده الله برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جِنانِه.
والأطباء متفقون على أنه مسموم، وحكى لي الأخ الشيخ الإمام بهاء الدين: أنه قبل وفاته بيومين أسَرَّ إلى بعض أصحابه: إني مسموم، وأعرف مَنْ سَمَّني ولا أذكره، وأنه أوصاه أن لا يُعَرِّف أولاده بشيء من ذلك؛