للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لئلا يُشَوِّش عليهم، فلم يَذكر ذلك إلا بعد وفاته.

وأجمع مَنْ شاهد جِنازتَه (١) على أنه لم يَرَ جِنازةً أكثرَ جمعًا منها.

قالوا (٢): إنه لما مات ليلًا بالجزيرة ما انفلق الفجر إلا وقد ملأ الخلقُ ما بين الجزيرة (٣) إلى باب النَّصْر، ونادت المنادِية: مات آخِرُ المجتهدين، مات حجةُ الله في الأرض، مات عالم الزمان، وهكذا، ثم حَمَل العلماء نَعشَه، وازدحم الخلق بحيث كان أولهم على باب منزل وفاته، وآخرهم في باب النصر.

وقيل: لم يُحاكِ ما يُقال عن جِنازة الإمام أحمد بن حنبل سوى جنازة الشيخ الإمام، في كثرة اجتماع الناس، تغمَّده الله برحمته" (٤).

وأما المنامات التي رؤيت له: فقد قال التاج رحمه الله:


(١) في المصباح المنير ١/ ١٢١، مادة (جنز): "الجنازة وهي بالفتح والكسر، والكسر أفصح، وقال الأصمعي وابن الأعرابي: بالكسر: الميت نفسه، وبالفتح: السرير. وروى أبو عمر الزاهد عن ثعلب عكس هذا، فقال: بالكسر السرير، وبالفتح الميت نفسه".
(٢) هذا يدل على أن التاج رحمه الله لم يحضر جنازة والده؛ لأنه كان بالشام.
(٣) هي جزيرة الفيل وهي بلد كبير، وبها مائة وخمسون بستانًا إلى سنة وفاة الناصر محمد بن قلاوون وهو معاصر للتقي رحمه الله. وهي الآن الأرض الواقعة بين محطة القاهرة وشبرا، وهي من جملة البقاع التي كان النيل يمر فيها، ثم صارت جُزُرًا نتيجة تحول النيل إلى الغرب في القرنين الثاني عشر، والثالث عشر بعد الميلاد. انظر: البيت السبكي ص ٥٩.
(٤) انظر: الطبقات الكبرى ١٠/ ٣١٥ - ٣١٦، مع زيادة ما في الهامش؛ لأنه ورد في بعض نسخ الطبقات الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>