للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: الصحيح أنَّه لم يكن مقدرًا لكن ضُرِب الشاربُ في زمنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنعالِ وأطرافِ الثيابِ، فَقُدِرَ ذلك على سبيل التعديل والتقويم بأربعين، فرأوا المصلحة في الزيادة فزادوا. والتعزيرات مفوضة إلى رأي الأئمة فكأنه يثبت بالإجماع أنّهم أمروا بمراعاة المصلحة. وقيل: اعملوا بما رأيتموه أصوب بعد صدور الجناية الموجبة للعقوبة، ومع هذا فلم يريدوا الزيادة على تقرير فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلّا بتقريب من منصوصات الشرع فرأوا الشرب مظنة القذف؛ لأنَّ من سكر هذى ومن هذى افترى ومظنّة الشيء تقام مقام الشيء، كما يقام النوم مقام الحدث، والوطء مقام شغل الرحم، والبلوغ مقام نفس العقل والله أعلم (١).

قال: (السادس فقد الدليل بعد التفحص البليغ يغلب ظنّ عدمه، وعدمه يستلزم عدم الحكم لامتناع تكليف الغافل).

الاستدلال على عدم الحكم بعدم الدليل حق متقبل عند المصنف.

وتقريره أنّ فقدان الدليل (٢) بعد بذل الوسع في التفحص يغلب ظن عدم الدليل، وظن عدمه يوجب ظنّ عدم الحكم؛ لأنَّ عدم الدليل يستلزم عدم الحكم؛ لأنّه لو ثبت حكم شرعي ولا دليل عليه للزم منه تكليف الغافل وهو ممتنع (٣).


(١) هذه الإجابة منقولة باختصار من شفاء الغليل للغزالي: ص ٢١١ - ٢١٤.
(٢) (على عدم الحكم بعدم. . . . . فقدان الدليل) ساقطة من (غ).
(٣) ينظر: المحصول للرازي: ج ٢/ ق ٣/ ٢٢٥، ونهاية السول للإسنوي: ٣/ ١٣٧ - ١٣٨، وشرح المنهاج للأصفهاني: ٢/ ٧٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>