للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يتعرض المصنف للجواب عن هاتين الشبهتين (١).

ونحن نقول في الجواب:

عن الأولى: ليس اعتبار المصالح المرسلة بمجرد مشاركتها للمصالح التي اعتبرها الشارع في كونها مصالح بأولى من إلغائها لمشاركتها للمصالح التي ألغاها الشارع في ذلك فيلزم اعتبارها وإلغاؤها.

وعن الثانية: لا نسلم أنّ الصحابة - رضي الله عنهم - قنعوا بمجرد معرفة المصالح وسند (٢) المنع: أنَّه لو كان كذلك لم ينعقد الإجماع بعدهم على إلغاء بعض المصالح؛ فدلّ على أنهم لم يعتبروا من المصالح إلا ما اطلعوا على اعتبار الشرع نوعه أو جنسه القريب فإنّ الشارع لم يعتبر المصالح مطلقًا بل بقيود وشرائط لا تهتدي العقول إليها إذ غاية العقل أنْ يحكم بأنّ جلب المصلحة مطلوب لكن لا يستقل بإدراك الطريق الخاص لكيفيته فلا بد من الاطلاع على تلك الطريق بدليل شرعي مرشد إلى المقصد فقبله لا يمكن اعتبار المصالح (٣).

فإن قيل: فبأي طريق أبلغ الصحابة - رضي الله عنهم - حدّ الشرب إلى ثمانين فإن كان مقدرًا فقد زادوا بالمصلحة وإن كان تعزيرًا غير مقدّر فلِمَ افتقر إلى التشبيه بحدّ القذف وكيف بلغ به مبلغ الحدّ؟ .


(١) وقد تبع في ذلك الإمام في عدم الجواب على هذين الدليلين. أفاده الإسنوي في نهاية السول: ٣/ ١٣٧.
(٢) في (ت): وسببه.
(٣) ينظر الجوابان في نهاية السول للإسنوي: ٣/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>