للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظن اعتبارها ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - قنعوا بمعرفة المصالح).

تقدّم في كتاب القياس أنّ المناسب إمّا أن يعلم أنّ الشارع اعتبره أو ألغاه أو يجهل حاله، وانفصل القول البليغ في القسمين الأولين والنظر هنا في الثالث وقد يعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالاستصلاح (١) وفيه مذاهب:


(١) المصلحة لغة كالمنفعة وزنًا ومعنى، فهي مصدر بمعنى الصلاح، كالمنفعة بمعنى النفع، او اسم لواحدة من المصالح، والمصلحة والصلاح والمصلحة واحدة المصالح قال ابن منظور: "فكل ما كان فيه نفع سواء كان بالجلب والتحصيل، كاستحصال الفوائد واللذائذ أو بالدفع والاتقاء كاستبعاد المضار والآلام فهو جدير بأن يسمى مصلحة". ينظر: الصحاح: ١/ ٣٨٣ - ٣٨٤، والمصباح المنير: ص ٣٤٥، ولسان العرب: ٣/ ٣٤٨ مادة "صلح".
وأما في اصطلاح علماء الشريعة فهي كما عرفها الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بقوله: "المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده، من حفظ دينهم، ونفوسهم وعقولهم ونسلهم، وأموالهم، طبق ترتيب معين فيما بينها" ضوابط المصلحة ص ٢٣.
وقال الغزالي في تعريفها: "فهي عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة، ولسنا نعني به ذلك، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم. لكننا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة وهي: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما تضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة". ينظر المستصفى ١/ ٢٨٦ - ٢٨٧.
والمصالح المرسلة من أعوص الموضوعات فقد زلت فيها أقدام، وقد كتب فيه قديما وحديثا، وأخطر ما كتب فيه ما كتبه الإمام نجم الدين الطوفي الحنبلي المتوفى سنة (٧١٦ هـ) حيث اعتبر المصالح مطلقا وركب متن الغلو فيها. وقد تصدى للرد =

<<  <  ج: ص:  >  >>