للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزهد في الدنيا وأقلامه تتصرف في الأموال، ويَفُضُّها على مَمَرِّ الأيام والجُمَع والأشهرِ والأحوال، واطِّراحٌ للمَلْبس والمأكل، وعزوفٌ عن كل لذة، وإعراضٌ عن أعراض هذه الدنيا التي خلق اللهُ النفوسَ إليها مُغِذَّة هذا ما رآه عَيَانِي، وخَتَم عليه جَنَاني. وأما ما وُصِف لي من قيام الدُّجا، والوقوفِ في مقام الخوف والرَّجا - فأمرٌ أجزم بصدقه، وأشهد بحقِّه، فإن هذا الظاهر لا يكون له باطنٌ غيرُ هذا، ولا يُرى غيرُه حتى المَعَاد مَعاذا.

ثم اندفع القاضي صلاح الدين في ذِكر شيءٍ من أحواله وكراماته وأخباره، فإنه كان يُحبه، وله به خصوصية" (١).

وسأذكر بعض أخلاقه على شيءٍ من التفصيل، كما ذكرها ابنه التاج رحمهما الله تعالى:

[١ - إخلاصه]

قال التاج: "وقد كانت الأسئلة تأتيه من شرق الأرض وغربها، فما كان منها متعلِّقًا بعلوم الظاهر نَقِف عليه، ونبحث عنه، وما كان منها متعلِّقًا بعلم الباطن قَلَّ أن يُوقفنا عليه، أو يُعَرِّفَنا سائلَه، وكان يكتم أحوال مَنْ يعرفه مِن الأولياء" (٢).

[٢ - تواضعه]

قال التاج رحمه الله: "وكتب بخطه على ترجمته التي أنشأتُها في كتاب "الطبقات الوسطى"، وقد كانت "الطبقات الوسطى" تُعجبه، ويضعها


(١) انظر: الطبقات الكبرى ١٠/ ١٥٩ - ١٦١، أعيان العصر ٣/ ٤١٩ - ٤٢٠.
(٢) انظر: الطبقات الكبرى ١٠/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>