الأكبر من التجارة العالمية بين الشرق والغرب، ولم يدَّخر سلاطين المماليك وسعًا في تقوية تلك الروابط الاقتصادية بين مصر وبلدان الشرق والغرب، عن طريق المعاهدات والاتفاقيات والاتصالات الدبلوماسية مع ملوك وحكام تلك البلدان (١).
[التجارة الداخلية]
أما التجارة الداخلية فكانت على درجة واسعة من النشاط على عصر سلاطين المماليك، فاشْتَهَرت المدنُ المصرية - وعلى رأسها القاهرة - بأسواقها العامرة ذات الطابع الخاص المميَّز، وأهم ما في هذه الأسواق أن كل سوقٍ منها اختص بنوعٍ معيَّن من البضائع، فسوق الشمَّاعين اختص ببيع الشمع، وسوق النحَّاسين اختص ببيع النحاس، وهكذا.
ومن محاسن هذا النظام أن التاجر لم يستطع أن يشذ عن جيرانه أو أن يرفع أسعار السلعة التي يتجر فيها؛ لأن منافسيه على مقربةٍ منه، كما أن المشتري إن لم يعجبه نوعُ السلعة أو ثمنها فإنه يستطيع أن ينتقل في سهولة من متجر لآخر دون أن يتحمل أدنى مشقة. أما عيوب هذا النظام فأهمها أن الفرد إذا أراد شراء عدة أصناف متباينة من البضائع فعليه أن يقطع المدينة كلها طولًا وعرضًا حتى يقضي حاجاته؛ لأنه لن يجد في السوق الواحد سوى نوعٍ واحدٍ من البضائع.
أما المواد الغذائية فوجدت لها أسواق قائمة بذاتها، منها بالقاهرة سوق
(١) انظر: العصر المماليكي في مصر والشام ص ٢٩٦ - ٣٠١، ٣٠٣.