باب الفتوح، وسوق بين القصرين، وسوق باب الزهومة، وكلها اشْتَهَرت في ذلك العصر بكثرة المعروض فيها من لحوم وخضروات وزيوت وألبان. . . فضلًا عن اكتظاظها بجمهور المشترين.
أما الفواكه فكان لها سوق خاص بها قرب باب زويلة، وعُرف هذا السوق باسم دار التفاح، كانت تحمل إليه ثمار البساتين المحيطة بالقاهرة، حيث يتفنن الباعة في عرضها، ويتأنقون في تنضيدها واحتفافها بالرياحين والأزهار.
وقد حفلت البلاد في ذلك العصر بالمنشآت الخاصة بالتجار الأتراك واليمنيين والهنود والفرس والمغاربة وغيرهم، وجرت العادة أن التجار المسلمين الوافدين من بلدٍ واحدٍ كانوا ينزلون في وكالةٍ معينة حيث يألفون بعضهم ببعض، فوكالة قوصون مثلًا كان ينزلها التجار الوافدين ببضائع بلاد الشام، مثل: الزيت والصابون والفستق واللوز والجوز وغيرها، وفي الوكالة يستطيع التاجر أن يضع أمواله وبضائعه في مأمن من كل سوء، وفي الوقت نفسِه حرص سلاطين المماليك على حراسة الوكالات من عبث العابثين، كما أنهم احتاطوا عليها من خطر الحرائق وغيرها.
ولم يترك سلاطين المماليك حركة البيع والشراء في الأسواق دون رقيبٍ أو حسيب، وإنما عَهِدوا إلى المُحْتَسِبِين بالطواف ليلًا ونهارًا للتفتيش على الباعة، وضبط مَن يحاول التلاعب في الأسعار أو الأوزان أو أصناف البضاعة. وقد رُوعي في المحتسِب دائمًا أن يكون ذا رأيٍ وصرامةٍ وخشونةٍ