للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثامن: أخلاقه وعبادته]

قال ابن حبيب رحمه الله في وصف أخلاقه: "كان قَدَّس الله روحَه جزيلَ الورع، قليل الرِّيِّ والشِّبع، يكتفي بالعُلْقة من الطعام (١)، ويقنع بالنُّغْبة (٢) من المورد العذب وإن لم يكن كثير الزِّحام.

مستعينًا بالصبر والصلاة، متقربًا بحسن العمل إلى من خلق الموت والحياة. متنزهًا في رياض الأذكار، مثابرًا على التسبيح بالعشي والإبكار، مراقبًا مَن لا تُدركه الأبصار. . . . مواظبًا على تلاوة كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، صابرًا عند ازدحام الأخطار. . . وكانت يداه مبسوطتين، وبإسداء المعروف معروفتين، يُعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر، ويأتَمُّ بمَنْ في أذنيه عن سماع العَذْل في البذل - وَقْر. . . راجِي نَوَاله ما لم يخطُر بباله، ولو


(١) أي: بالبُلْغة من الطعام. وفي اللسان ١٠/ ٢٦٣: "والعَلاقة: ما يُتَبَلَّغ به من عيش. والعُلْقةُ والعَلاقُ ما فيه بُلغةٌ من الطعام إلى وقت الغذاء. وقال اللحياني: ما يأكل فلانٌ إلا عُلْقَةً، أي: ما يمسك نفسه من الطعام. وفي الحديث: وتجتزئ بالعُلْقَةِ، أي: تكتفي بالبُلْغة من الطعام".
(٢) أي: الجَرْعة. وفي اللسان ١/ ٧٦٥، مادة (نغب): "قال ابن السكيت: نَغِبْتُ من الإناء، بالكسر، نَغْبًا، أي: جَرَعْتُ منه جَرْعًا. ونَغَبَ الإنسانُ في الشُّرْب، يَنْغُبُ نَغْبًا: جَرَع، وكذلك الحمار. والنَّغْبة، والنُّغْبة بالضم: الجَرْعة، وجمعها نُغَبٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>