العدالة فيما يَجْبونه منهم من أموال بحيث لا يأخذون منهم سوى الحقوق السلطانية.
وفي الوقت الذي دأب سلاطين المماليك على تشجيع تجار الشرق الأقصى بوجه خاص على الحضور ببضائعهم إلى مصر، حرصوا أيضًا على الترحيب بالتجار الأوروبيين الذين يفدون إلى الإسكندرية ودمياط لشراء حاصلات الشرق، ولا أدل على اتساع أفق سلاطين المماليك ورغبتهم الأكيدة في الاستفادة من موقع مصر التجاري، من أنهم فَرَّقُوا بين الحرب والتجارة، فقدموا كافَّة التسهيلات للتجار الغربيين في الوقت الذي كانوا يحاربون الصليبيين ومِنْ خلفهم الغرب الأوروبي.
وقد ترتب على تشجيع سلاطين المماليك للتجار الأوروبيين على القدوم إلى مصر أن كَثُر عددهم، وقد قدَّر بعض الباحثين الأوروبيين عددَ الأجانب في الإسكندرية وحدها في أوائل القرن الرابع عشر للميلاد (أي: أوائل القرن الثامن الهجري) بحوالي ثلاثة آلاف تاجر أوروبي. وكان لكل جالية من هؤلاء الأجانب قُنصل يشرف على شؤون أفراد الجالية ومصالحِهم، وإذا ما حدث مِنْ طائفةِ أحدِهم ما يشين الإسلام يُطلب منه الكفُّ عن ذلك. واتخذت كلُّ جاليةٍ لنفسِها فُندقًا أو أكثر ينزل فيه أفرادها، ورُتِّبت أمور هذه الفنادق بحيث تكون لكلٍّ منها إدارة مستقلة، على رأسها مدير يدير شؤون الفندق.
وهكذا نجحت مصر في عصر سلاطين المماليك في أن تستأثر بالجزء