فرصةً ذهبيةً للإفادة من القيام بدور الوسيط بين تجار الشرق وتجار الغرب، وذلك بتنشيط التجارة في البحر الأحمر بمختلف الطرق، فقام السلطان قلاوون يتودد إلى القوى الإسلامية الواقعة في حوض البحر الأحمر ويحسِّن علاقته بحكامها، فأرسل يعاهد ملك اليمن على التحالف والمودة وبعث إليه بالهدايا، وكذلك فعل مع شريف مكة.
على أنَّ جعل مصر حلقة الوصل في النشاط التجاري بين الشرق والغرب كان يتطلب أمرين:
أولهما: تأمين طرق التجارة داخل مصر ذاتها حتى تصل البضائع سليمة من موانئ البحر الأحمر إلى موانئ البحر المتوسط.
وثانيهما: إغراء تجار الشرق على جلب بضاعتهم إلى موانئ مصر المطلِّة على البحر الأحمر، ثم إغراء التجار الأوروبيين على التردد على الإسكندرية ودمياط لشراء ما يلزمهم من حاصلات الشرق.
أما عن الأمر الأول فإن السلطان قلاوون ومَنْ خَلْفه مِنْ سلاطين المماليك حرصوا على أن يضربوا بيدٍ من حديدٍ على العابثين والمعتدين على قوافل التجارة بين النيل والبحر الأحمر، وبخاصة قبائل الأعراب الذين سكنوا تلك الجهات والذين اعتادوا حياة السلب والنهب, حتى أن قوافلَ الحجاج نفسَها لم تسلم من عبثهم.
وأما عن الأمر الثاني فإن السلطان قلاوون أرسل إلى نُوابه بالثغور يأمرهم بحسن معاملة التجار وملاطفتهم والتودد إليهم وترغيبهم، ومراعاة