للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشام والحجاز، كما أنشأ السلطان الغوري مدرسة في مكة.

وجرت العادة عند الفراغ من إنشاء مدرسة في عصر المماليك أن يُحتفل بافتتاحها احتفالًا كبيرًا يحضره السلطان والأمراء والفقهاء والقضاة والأعيان، ويُمَدُّ سِماطٌ فاخر في صحن المدرسة به ألوان الأطعمة والحلوى والفواكه، وبعد أن يخلع السلطان على كل من أسهم في بناء المدرسة من المعلِّمين والبنَّائين والمهندسين، يعيِّن للمدرسة موظَّفيها من المدرسين والفقهاء والمؤذنين والقراء والفَرَّاشين وغيرهم.

وكانت وظيفة التدريس بالمدرسة جليلة القدر، يخلع السلطان على صاحبها (١) ويكتب له توقيعًا من ديوان الإنشاء يختلف باختلاف المادة التي يُدَرِّسها المدرِّس تفسيرًا كانت أو حديثًا. وفي هذا التوقيع يقدِّم السلطان النصح للمدرس بأن يظهر مكنون علمه للطلاب، ويقبل على الدرس وهو طَلْق الوجه منشرح الصدر؛ ليستميل إليه طلبته ويربيهم كما يربي الوالد ولده. كذلك يطلب من المدرِّس أن ينظر في طلبته ويحثهم كل وقت على الاشتغال.

وجرت العادة على تعيين معيد أو أكثر لكل مدرِّس؛ ليعيد للطلبة ما ألقاه عليهم المدرِّس ليفهموه ويحسنوه، كما يشرح لهم ما يحتاج إلى الشرح.

أما الطلبة فقد تمتعوا بحرية اختيار المواد التي يدرسونها، بحيث لا يمنع فقيه أو مستفيد من الطلبة ما يختاره من أنواع العلوم الشرعية. وكثيرًا ما


(١) أي: يُنعم عليه بملابس فاخرة. انظر: صبح الأعشى ٤/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>