للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقدر الذي يغمر النجاسة واجب في إزالتها، فتناوُلُ الصيغة له (١) استعمالُ (٢) اللفظِ في حقيقته وهو الوجوب. والزائد على ذلك مستحب، فتناوُلُ الصيغة لهُ استعمالٌ (٣) لها في الندب، وهو مجاز فيه على الصحيح. فقد اسْتُعْملت (٤) صيغة الأمر في حقيقتها ومجازها، وهذا بناء على زيادة الذنوب على القدر الواجب (٥).

الثالثة: أطلق الأصوليون الخلاف في الحمل على الحقيقة والمجاز من غير تبيينٍ لمحله، واعلم أن المتكلم إذا ذكر لفظًا له حقيقةٌ ومجازٌ فتارة يقصد الحقيقة فقط، فيُحْمل على الحقيقة وحدها بلا نزاع، وتارة (يقصد المجاز) (٦) فقط، فيحمل عليه وحده بلا خلاف أيضًا. وكل هذا يظهر بدلائل تقوم عليه من قرائن وألفاظ. وتارةً يقصد المجاز ويسكت عن الحقيقة، أو يقصدهما معًا، فهذا هو محل النزاع. وقد أفهم كلام بعضهم أن الخلاف جارٍ وإن لم يقصد المجاز ولم ينفه، وهو في غاية البعد؛ فإن اللفظ لا يُحْمل على المجاز إلا بقرينة (٧) (٨).


(١) أي: للقدر الذي يغمر النجاسة.
(٢) قوله: "استعمال"، خبر المبتدأ: "فتناول".
(٣) قوله: "استعمال"، خبر المبتدأ: "فتناول".
(٤) في (ت): "استعمل".
(٥) انظر: البحر المحيط ٢/ ٤٠٦.
(٦) في (ص): "يقصد بها المجاز".
(٧) بخلاف الحقيقة، فإنه وإنْ سكت عنها، فإنها يمكن أن تكون مرادة للمتكلم؛ إذ الأصل الحمل على الحقيقة.
(٨) نقل الزركشي كلام الشارح من غير تصريح باسمه، بل عَبَّر عنه ببعض المتأخرين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>