للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب: بأن المحرم إنما هو الجمع بين الطلقات الثلاث لا لفظ الطلاق (١) (٢). وأمْعن الكلامَ فيما حاوله، والذي نقوله في ذلك: إنَّ قول القائل: أنتِ عليَّ كظهر أمي - يحتمل أن يريد به الخبرَ المحض، ويحتمل أن يريد به أنه يجعلها كذلك، والظاهر أن المراد الثاني وهو الإنشاء ولكن الشرع ألغى حُكْمه، ولما ألغاه وكان مقصودُ الناطق به تحقيقَ معناه الخبري - سَمَّاه الشرع زورًا (٣). ويناظِرُ هذا مِنْ بعض الوجوه قولُه: أنتِ عليَّ حرام - قَصْدُه به إنشاء التحريم، والشرع لم يرتب مقتضاه من الحرمة (٤)، فهذان الإنشاءان لم يرتب الشرع عليهما مقتضاهما الذي قصده المتكلم (٥)، بل جعل المرتَّب على الأول (٦): أنه إنْ عاد وجبت


(١) يعني: الطلاق الثلاث محرم لا بسبب لفظه، فلفظه إنشاء، ولا يكون محرمًا لذلك؛ لأنه لا يقبل الصدق والكذب، وإنما سبب التحريم هو الجمع بين الطلقات الثلاث، فالتحريم للجمع لا لصيغة الإنشاء.
(٢) انظر: الفروق ١/ ٣١، ٣٢.
(٣) أي: أن المظاهر أراد بظهاره جَعْلَ زوجته كأمِّه، فهو قَصَد المعنى الإنشائي لا الخبري، لكنه بإنشائه قصد تحقيق المعنى الخبري، فكأن المعنى الخبري متحقِّق في زوجته، فحرمت عليه، فكذَّب الله هذا التحقق، وجعله زورًا.
(٤) يعني: أن المتكلم قَصَد بقوله هذا تحريم زوجته، ولم يقصد بقوله هذا طلاقًا ولا ظهارًا؛ لأنه لو قصد أحدهما فإنه يقع، إذ لفظ التحريم كناية في الطلاق وفي الظهار فيقعا بلفظ التحريم إذا قَصَده. أما إذا قصد تحريم زوجته من غير قصد طلاق ولا ظهار - فهنا لا تحرم زوجته، وكذا لو قال: أنت عليَّ حرام. ولم يقصد شيئًا فإنها لا تحرم، فالشارع لم يرتب ولم يثبت مقتضى هذه الكلمة وهي الحرمة. انظر: نهاية المحتاج ٦/ ٤٢٣، وانظر الخلاف في المسألة في بداية المجتهد ٢/ ٧٧.
(٥) فالمتكلم قصد في الظهار جَعْل الزوجةِ أمًا، وفي التحريم قصد الحرمة المؤبدة.
(٦) وهو الظهار.

<<  <  ج: ص:  >  >>