للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنُورِهِمْ} (١) وكـ "ذهب بسمعهم وأبصارهم" فيصير الفاعل به مفعولًا (٢)، فتكون الباء بمعنى الهمزة في قولك: أذهَبَ.

الثانية: أن تدخل على فعل يتعدَّى بنفسه، وهو مراد المصنف بقوله: "تُجَزِّئ المتعدي" أي: تقتضي التبعيض، كقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (٣) (٤)، وخالفت (٥) الحنفية في ذلك.

لنا: أنا نعلم بالضرورة الفرق بين أن يقال: مسحت يدي بالمنديل، ومسحت المنديل بيدي، فإن الأول يفيد التبعيض، والثاني يفيد الشمول.

وهذا الاستدلال ضعيف:

أما أوَّلًا: فلأنه مناقض لما ذكره في المجمل والمبين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما ثانيًا: فلأن "مَسَحَ" يتعدى إلى المفعول بنفسه، وإلى ما يُمْسَح به (٦) بالباء، فتقدير مسحتُ المنديل: مسحت المنديلَ بيدي، فالمنديل فيه


(١) سورة البقرة: الآية ١٧.
(٢) أي: فيصير الفاعل الذي هو "نورهم"، و"سمعهم وأبصارهم" بالباء مفعولًا؛ لأن الأصل: ذهب نورهم، وذهب سمعهم وأبصارهم، فأصبح الفاعل بالباء مفعولًا به للفظ الجلالة؛ لأن ذهب لازم غير متعدي، فعُدِّي بالباء. انظر: نهاية السول ٢/ ١٨٩.
(٣) سورة المائدة: الآية ٦.
(٤) الأصل: وامسحوا رؤوسكم، فدخلت الباء على الرؤوس، فَجَزَّأته، فجعلت المراد البعض، أي: وامسحوا ببعض رؤوسكم.
(٥) في (ت)، و (غ)، و (ك): "وخالف".
(٦) وهي آلة المسح، أي: ويتعدى إلى ما يُمسح به بالباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>