للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناظرتَه، وليس فينا مَنْ يَدِلُّ عليه غيرُك. فقلت له: الجماعةُ يريدون سماعَ مناظرتك على طريق الجدل.

فقال: بسم الله. وفهمتُ أنه إنما وافق على ذلك لمحبته فيَّ، وفي تعليمي.

فقال: أبْصِروا مسألةً فيها أقوالٌ بقدر عَدَدِكم، وينصرُ كلٌّ منكم مقالةً يختارها من تلك الأقوال، ويجلس يَبْحث معي.

فقلت أنا: مسألة الحرام.

فقال: بسم الله، انصرِفُوا فلْيطالعْ كلٌّ منكم، ويحرِّرْ ما ينصرُه فقمنا وأعملَ كلُّ واحدٍ جُهدَه، ثم عُدْنا وقد كاد الليلُ ينتصف، وهو جالسٌ يتلو هو وشيخنا المسنِد أحمد بن علي الجزري الحنبلي (١) رحمه الله، فقال: عبد الوهَّاب هاتِ، حسين هاتِ، هكذا يخصُّني أنا وأخي بالنداء.

فابتدأ واحدٌ من الجماعة، فقال له: إن شئتَ كُن مستدلًا وأنا مانعٌ، وإن شئتَ بالعكس.

فحاصل القضية أن كُلًّا منا صار يستدل على مقالته، وهو يمنعه، ويبيِّن فسادَ كلامه إلى أن ينقطع، ويأخذ في الكلام مع الآخر حتى انقطع الجميع.


(١) هو أحمد بن علي بن الحسن الجزري ثم الصالحي أبو العباس الهكاري العابد. ولد سنة ٦٤٩ هـ. قال الذهبي: تفرد وقصده الطلبة، وكان كثير الذكر والتلاوة. قال السبكي: لم أر أجلد على العبادة منه. توفي سنة ٧٤٣ هـ. انظر: الدرر ١/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>