للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفوضون التأويل إلى الله سبحانه وتعالى (١). وعلى هذا فإطلاق الحشوية عليهم غير مستحسن؛ لعدم مناسبته لمعتقدهم؛ ولأن ذلك مذهب طوائف السلف من أهل السنة رضي الله عنهم.

إذا عرفتَ ذلك فقد استدل المصنف على امتناع ذلك: بأنه هذيان.

قال الجاربردي شارح الكتاب: وهو مصادرة على المطلوب؛ لأن الهذيان: هو اللفظ المركب المهمل، وهو الذي ادّعَى امتناعه (٢).

وهذا اعتراض منقدح، ولكن المصنف أخذ هذا الدليل من الإمام (٣)، والإمام إنما استدل (٤) به على ما صَدَّر به المسألة من قوله: لا يتكلم الله بشيء، و (٥) لا يعني به شيئًا (٦). وقد بينا أن هذه الدعوى في الحقيقة غير دعوى المصنف، فليس استدلال الإمام بكونه هذيانًا مصادرة على المطلوب. نعم هو ضعيف من جهة أنه قد يقال: لا نسلم أن الكلام المفيد بالوضع الذي فاه به الناطق إذا لم يَعْن به شيئًا - هذيانٌ، وإنما يكون هذيانًا إذا لم يكن له مدلول في نفسه. وقد يقال: إنَّ قَصْد


(١) فالظاهر الذي في حق المخلوق متعذر، والظاهر أي: المعنى الذي في حق الخالق يُفَوَّض تأويله إليه سبحانه وتعالى، فالشارح يريد بتعذر إجراء الظاهر هو ما كان في حق المخلوق؛ لأنه تشبيه.
(٢) انظر: السراج الوهاج ١/ ٤٠٦.
(٣) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٥٤١.
(٤) في (غ): "يستدل".
(٥) سقطت الواو من (ت)، و (غ).
(٦) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٥٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>