للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ قلت: هذا لا يتضح بالنسبة إلى كلام الله تعالى؛ لعِلْمِه بالغالب وغير الغالب على حد سواء.

قلتُ: هذا السؤال أورده الشيخ صدر الدين بن المرحل في كتابه "الأشباه والنظائر". وقد ذكر اختلاف الأصوليين في أن العام هل يشمل الصورة النادرة فقال: "هذا الخلاف لا يبين لي جريانه في كلام الله تعالى؛ لأنه لا يخفى عليه خافية فهو يعلم ذلك النادر" قال (١): "وإنما يتبين (٢) لي دخوله في كلام الآدميين" (٣).

وقد أجبت عنه في كتابي "الأشباه والنظائر" بما لو عُرِض على ذوي التحقيق لتلقوه بالقبول. فقلت: الخلاف جار في كلام الله تعالى لا للمعنى الذي ذكره ابن المرحل؛ بل لأن كلام الله منزَّلٌ على لسان العرب وقانونهم وأسلوبهم، فإذا جاء فيه لفظٌ عام تحته صورة نادرة، وعادةُ العرب إذا أَطْلَقَتْ ذلك اللفظ لا تمر تلك الصورة ببالها - نقول: هذه الصورة ليست داخلة في مراد الله تعالى من هذا اللفظ، وإن كان عالمًا بها؛ لأن هذا اللفظ يطلق عند العرب ولا يراد هذه الصورة، كما يجيء في القرآن ألفاظ كثيرةٌ يستحيل وقوع معانيها من الله تعالى: كالترجي والتمني، وألفاظ التشكيك، وكل ذلك منتف في جانبه تعالى، وإنما تجيء لِكَوْن (٤) القرآن على أسلوب كلام العرب (٥).


(١) في (ص): "وقال".
(٢) في (غ): "يبين".
(٣) انظر: الأشباه والنظائر لابن المرحل ١/ ٢١٢, ٢١٣.
(٤) في (ص): "ليكون".
(٥) انظر: الأشباه والنظائر للشارح ٢/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>