للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقائل أن يقول: أما تفسير الخلود بالمكث الطويلِ - فخلاف (١) الغالب من استعمال الشرع، وحَمْلُ اللفظ على الغالب أولى (٢)، لا سيما وقد أردفه بقوله: {أَبَدًا} وقولكم: إن {أَبَدًا} قد يستعمل في الزمن الطويل. قلنا: صحيح، ولكن قرينة اجتماعها معِ الخلود ينفي ذلك هنا، وإلا فكأنه قال: قاطنين فيها مكثًا طويلًا، زمنًا طويلًا. فيكون قد كرر اللفظ لمجرد (٣) التأكيد الذي هو غير محتاج إليه هنا.

فإن قلت: التأكيد لا بد منه على التقديرين؛ لأنه إنْ أراد بالخلودِ الدائمَ، كما ذكرتم - فما أتى بقوله: {أَبَدًا} إلا للتأكيد.

قلت: التأكيد على تقدير إرادة الدائم - مناسبٌ (٤) مناسبة شديدة؛ لأن المحكومَ به أولًا أعني: المكث الدائم - شيءٌ عظيمٌ يليق بخَطْبه التأكيد، فكان التأكيد دليلًا على ما قلناه: من أن المراد بالخلودِ: الدائمُ؛ للاحتياج إلى التأكيد والحالةُ هذه. ويدل على ذلك أيضًا من الآية قوله (٥): {فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} (٦)، ولم يقل: فإنه يدخل نار جهنم، بل أتىِ بلام الاختصاص (٧)


(١) في (ص): "بخلاف". وهو خطأ؛ لأن جواب "أما" الشرطية لا بد أن يقترن بالفاء.
(٢) وكذا قال القرافي. انظر: نفائس الأصول ٣/ ١٢٤٢.
(٣) في (ك): "بمجرد".
(٤) سقطت من (ت).
(٥) سقطت من (ت).
(٦) سورة الجن: الآية ٢٣.
(٧) لام الاختصاص: هي الداخلة بين اسمين يدل كل منهما على الذات، والداخلة عليه لا يملك لآخر، وسواء أكان يملك غيره، أم كان ممن لا يَمْلك أصلًا نحو قولنا: =

<<  <  ج: ص:  >  >>