للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبِل معذرته، وعلم أنه ليس بعاصٍ ما أمره به (١) مع (٢) أنه كان تاركًا لما أمره. قال: ولو كان العصيان باقيًا لكان سبب (٣) العقاب باقيًا، ولَمَا كان يَمْتنع عن عقابه بالعُذْر (٤) الذي ذكره. قال: وبهذا استحق العاصي الخلود في النار بهذه الآية، وكان ضالًا ضلالًا مبينًا، بدليل قوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (٥)، وتَرْك المأمور به مع زعم صحة مقتضاه لا يوجب ذلك (٦).

هذا كلامه، وهو مدخول: أما قوله: العصيان: ترك الأمر مع زعم بطلان مقتضاه.

قلنا: هذا خلاف الشائع الذائع في اللغة العربية، ويلزم على هذا أن لا يطلق على مَنْ خالف أوامر الله ورسوله أنه عاص ما لم ينضم إلى ذلك هذا القَيْد، وهو واضح البطلان. وأما قوله: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} (٧) فليس معناه إلا أنهم يمتثلون أوامره. وأما قضية هارون عليه السلام: فهو لم يعص أخاه موسى عليه السلام، وإنما موسى استفهمه لما رآه لم يفعل ما


(١) سقطت من (ص).
(٢) سقطت من (ت).
(٣) في (ت): "تثبيت".
(٤) في (ص): "بالقدر". وهو خطأ.
(٥) سورة الأحزاب: الآية ٣٦.
(٦) أي: لا يوجب الخلود في النار، ولا الضلال المبين، فدلَّ هذا على أن العصيان: هو ترك المأمور به مع زعم بطلان مقتضاه.
(٧) سورة التحريم: الآية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>